وأُقفِل المفاعل في ساعته وتاريخه

وأُقفِل المفاعل في ساعته وتاريخه

22 نوفمبر 2015

المفاعل النووي بوتينسيسي الكائن بمنطقة الضبعة

+ الخط -

"بسم الله الرحمن الرحيم. إنه في تمام التاسعة من صباح يوم السبت الموافق 26 من شهر أبريل لعام ألفين وأربعة وعشرين ميلادية، انتقلنا، نحن المستشار شامخ نزيه الزند، رئيس نيابات مرسى مطروح، إلى مقر النيابة المؤقت الكائن بمجمع محاكم بني سويف، بسبب ظروف انتشار الإشعاعات النووية الخطيرة في المنطقة المحيطة بمقر النيابة، وقد استأنفنا سير التحقيقات في قضية رقم 1119 لسنة 2024 التي تحمل عنوان (قضية تسريب مفاعل بوتينسيسي النووي الكائن في منطقة الضبعة)، حيث مثل أمام النيابة قادماً من محبسه المتهم رقم واحد في القضية، عبد الحفيظ بهنسي مدير الإدارة العامة لأقصى درجات السلامة النووية بمفاعل (بوتينسيسي) النووي السلمي، الكائن في منطقة الضبعة، وباشرنا التحقيق معه، فسألناه بعد أن أقسم اليمين على صحة أقواله:

س: اسمك؟

ج: المهندس عبد الحف

س: الاسم من غير اللقب لو سمحت؟

ج: عبد الحفيظ بهنسي جاد الحق سرور الزنكلوني

س: سنك؟

ج: 58 سنة

س: مؤهلك العلمي؟

ج: حاصل على دكتوراه السلامة النووية من جامعة طشقند

س: ممكن توضيح دي في أي دولة بالضبط؟

ج: في جمهورية أوزبكستان، دي سيادتك كانت من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، بس كانت جمهورية مسلمة سيادتك

(توجهنا إلى المتهم بأهمية أن يجيب على قدر السؤال فقط، وقد وعد بذلك، واستأنفنا التحقيق معه)

س: ما قولك فيما هو منسوب إليك أنك اشتركت، مع متهمين آخرين، في ارتكاب أفعال تقع تحت بند الإهمال الجسيم، ما أدى إلى تسريب إشعاعات نووية خطيرة من مفاعل (بوتينسيسي) الكائن بمنطقة الضبعة، نجم عنها حتى الآن مقتل المئات وإصابة الآلاف إصابات خطيرة، وعزل كامل لمنطقة الإسكندرية والساحل الشمالي عن بقية الجمهورية، وحدوث تداعيات خطيرة، ما زال يتم تقييمها حتى الآن على منطقة الدلتا والقاهرة؟

ج: هذه الاتهامات أنكرها كاملة، وأنا بريء منها إلى يوم الدين.

س: لكنك قلت، في محضر تحقيق جهاز الأمن الوطني معك، المرفق بأوراق القضية، أنك تعترف بتسببك في تسريب المفاعل للإشعاعات، وأن ذلك حدث بسبب إهمالك أنت، والمتهمين جابر سعيد العيوطي وجورج اسطفانوس لاوندي وعبد الشفيع عبد الرسول، الموظفين معك بالإدارة، وأقررت بفشلكم في أداء المهام الموكلة إليكم؟

ج: سيادتك، أنا أدليت بالاعترافات دي تحت التعذيب البدني والنفسي، وكنت في انتظار النيابة لإثبات ذلك، وأطلب من النيابة عرضي على الطب الشرعي، لإثبات آثار التعذيب الموجودة بجسدي، وممكن سيادتك تشوفها فوراً.

(حاول المتهم، هنا، خلع ملابسه، وقد توجهنا إليه بأن يلزم مكانه، وألا يحاول خلع ملابسه، ليتسنى استكمال التحقيق، وقد امتثل للتوجيه، وتم استئناف التحقيق)

س: هل تدرك أن عدم ثبوت تعرضك للتعذيب، يمكن أن يوجه إليك تهمة الكذب في محضر رسمي، وتهمة تضليل العدالة؟

ج: أدرك، وأنا في كامل قواي العقلية يا فندم، وعلى فكرة هما خيّروني بين إني أعترف بالإهمال، وبين إني اعترف بإني عضو في حركة ستة إبريل، فأنا اخترت الاعتراف بالإهمال، عشان التهمة التانية دي بتاعة إني من الخونة بتوع ستة إبريل، هتلزق فيا للأبد، وهيبقى آخرها إعدام وماحدش هيسمعني، أصلاً، وأنا بادافع عن نفسي، لكن تهمة الإهمال ممكن أبرأ نفسي منها، وأملي كبير في عدالة النيابة والقضاء المصري الشامخ.

(انهار المتهم في البكاء، وقد قمنا بإيقاف التحقيق حتى يهدأ، وقد طمأنته النيابة على أن من حقه أن يدلي بأقواله في حرية تامة، شرط أن يتحمل مسؤوليتها، وقد بدأنا استئناف التحقيق بعد هدوئه) 

س: لكن محضر تحريات جهاز الأمن الوطني أثبت أن أحد المتهمين هو المهندس جابر سعيد العيوطي، ينتمي لحركة ستة إبريل الإرهابية بالفعل، وأن زوجته تنتمي إلى حركة إرهابية أخرى، اسمها حركة الاشتراكيين الثوريين؟

ج: ماعنديش أدنى فكرة عن الموضوع ده يا باشا، والمهندس جابر ده أغلب من الغلب، ومراته لا ليها في الطور ولا في الطحين. لعلم سيادتك جابر أصلاً عامل صفحة على الفيس عنوانها (معا لإعدام نشتاء السبوبة)، وأنا وكل الإدارة مشتركين فيها، وعاملين لايكات لكل البوستات اللي فيها، وأنا نفسي كاتب كذا تعليق بالعن فيه سنسفيل الخونة دول دي واحد واحد، وجابر كان بيشكرني دايماً على وطنيتي، إزاي يبقى خاين بعد كل ده، دي حاجة زي إن سيادتك تقول إن جورج لاوندي إخوان، وبعدين إحنا سيادتك كلنا لما اتقدمنا عشان وظايفنا، كلنا ورقنا راح كل الجهات السيادية والأمنية، وقعدوا شهور يحققوا معانا، ومع أهالينا ومعارفنا وجيراننا، عشان يتأكدوا إننا خاليين من أي أفكار هدامة، وإننا موالين للدولة المصرية الوطنية، ولسيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي ومستعدين نفديه بأرواحنا، واتأكدوا من ده، وسيادتك تقدر تشوف التقارير دي في ملفات التعيين بتاعنا. طيب أنا مش هاخبي على حضرتك، أنا أصلاً المؤهل بتاعي، ما اتقبلتش بيه في كذا مفاعل نووي في كذا دولة عربية وآسيوية، عشان للأسف هما بيتعاملوا مع جامعة طشقند إنها درجة تالتة، مع إني كنت بادرس فيها أيام الإتحاد السوفيتي سيادتك، وكان في كذا حد متقدم معايا خريجين جامعات من ألمانيا وفرنسا وأمريكا، استبعدوهم عشان شاركوا في أحداث يناير، أو ليهم قرايب كتبوا على الفيس كلام ضد سيادة الريس، أو اللي هما بيقولوا والعياذ بالله، كلمة حكم عسكر، واتقبلت أنا بالذات في المنصب الحساس ده، بعد ما اتأكدوا من إخلاصي، وبعتوني دورة مخصوص لروسيا واتدربت على نسخة افتراضية من المفاعل ده، وقبلها برضه حطوني هناك تحت الملاحظة الأمنية، وكذلك كل اللي كانوا معايا، بص يا باشا بصراحة، ويا روح ما بعدك روح، إحنا مش هنروح كبش فدا لحد، وبصراحة كل الكلام ده محاولة عشان تترمي التهم علينا، ونلبسها إحنا بدل المتهم الحقيقي.

(هذا وقد طلبنا من المتهم أن يتخير ألفاظه أمام النيابة، لكي لا يتورط في مزيد من التهم، وقد وعد بالامتثال للتوجيه، وتابعنا التحقيق معه)

س: من تقصد بالمتهم الحقيقي؟

ج: أقصد اللواء أركان حرب، جلال باشا الجزافي، نائب مدير المفاعل لشؤون الأمن.

س: وما هو وجه مسؤولية المذكور عما جرى في المفاعل؟

ج: لإني أنا وكل زملائي رفعنا له، قبل ستة شهور، تقرير رسمي. ولحسن الحظ، أنا شايل منه نسخة في الحفظ والصون، ومستعد لتسليمها إلى النيابة، التقرير كان بيحذّر من وجود مشاكل في نظام الإنذار المبكر اللي تم تسليمه في المفاعل من الجانب الروسي، والمشاكل دي ظهرت بعد تسلم المفاعل بست شهور بس. وللأسف، اللوا جلال اتعامل معانا في الأول باستخفاف، وقال لنا يعني إنتو هتفهموا أكتر من خبراء الدب الروسي، ولما حاولنا نرفع التقرير لسيادة الفريق كمال باشا البتانوني مدير المفاعل، خدنا جِزا خصم 15 يوم، فعملنا إضراب عن الطعام، عشان نخلي مسئوليتنا، ولما جه سيادة اللوا البتانوني ومساعده اللواء ثروت الدياسطي، شرحنا له الوضع، والحقيقة الله يستره اهتم بكلامنا، واتأكد منه، وقرر يرفع عننا الجزا، وبعد كده سيادته عمل لنا اجتماع مع سيادة الفريق أول، عبد الحق عبد العظيم، رئيس هيئة الطاقة الذرية، اللي شاف الوضع بنفسه على الطبيعة، وقرّر صرف مكافأة تلات شهور لينا، وطلب مننا التزام أقصى درجات الكتمان، لإن دي مسألة أمن قومي، واللوا جلال حذرنا، بعد الإجتماع، إن كل تليفوناتنا واتصالاتنا وبيوتنا متراقبة، وإن أي تسريب للكلام ده هيودينا في ستين داهية.

س: وهل حدث أي إجراءات لتأمين المفاعل، بعد الإجتماع الذي أشرت إليه؟  

ج: سيادة الفريق أول عبد الحق قالنا إن سيادة المشير عبد الفتاح مهتم جداً بالوضع، وبيتابعه بنفسه، وإنه للأسف مش هيقدر ينفذ اقتراحنا بضرورة إلزام الجانب الروسي بتصحيح الوضع فوراً، لإن الموقف مع روسيا حساس جداً، عشان روسيا أعفتنا من دفع تعويضات الطيارة اللي كانت وقعت في سيناء قبل تسع سنين. ولو حصل توتر بيننا وبينها ممكن تلزمنا بدفع التعويضات، وتلغي علاقتها بالمفاعل تماماً، فنلوص إحنا بيه، غير إنها هتوقف بناء مفاعل كرداسة ومفاعل طما ومفاعل العريش ومفاعل بتانون، وده ممكن يسبب كارثة في الطاقة الكهربائية لمصر، وينجح المؤامرات الخارجية على مصر، وعشان كده قرر سيادته تكليف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بمحاولة إحتواء الموقف في سرية تامة، وتم تسليمها المفاعل، وإحنا وعدنا بالتعاون معاها بكل اللي نملكه.

س: وماذا حدث بعد ما تذكره عن استلام الهيئة الهندسية للمفاعل النووي؟

ج: تم تعيين اللواء طيار عبد الرب كراوية، رئيس الهيئة السابق وأحد أبطال حرب الخليج، مشرفاً عاماً على إجراءات الأمن والسلامة في المفاعل، وتم عقد لجنة مكونة من السادة اللواءات رؤساء الفروع لمتابعة الموقف، وتم تأكيد وقوع خطأ في نظام الإنذار المبكر. وقال تقرير اللجنة إن سبب الخطأ الإنقطاع الدائم للكهرباء، ما أدى إلى تلف الكابل الرئيسي لغرفة المراقبة، زميلنا المهندس محمود النشوقاتي، الله يرحمه، اعترض، وقال إن كده هنبقى برأنا الروس تماماً، وجبنا المسئولية كلها على مصر وقطع الكهربا، مع إننا المفروض إتسلمنا المفاعل، على أساس إنه مزود بمولد كهربائي عملاق، يمنع حدوث أي مشكلة في الكهرباء. وللأسف، تم فصل محمود، وبعد فصله بشهرين، مات صعقا بالكهرباء وهو بيستحمى، وسيادة اللوا جلال جمعنا يومها، وقالنا إن ده عقاب إلهي حصل له، عشان النشوقاتي طلع إخواني خاين، وحاول يضر مصر اللي مذكورة في القرآن، وإننا لازم نتعظ من اللي حصل، وأنا شخصياً بطلت من ساعتها أستحمى بسخان الكهربا أو الغاز، وبقيت أسخّن مية زي أيام أمي الله يرحمها.

(توجهنا إلى الشاهد بضرورة ألا يخرج من موضوع التحقيق، وقد وعد بالامتثال للتوجيه، وتم استئناف التحقيق).

س: هل يمكن أن توضح ما الذي تم من قبل الهيئة الهندسية وسيادة اللواء طيار عبد الرب كراوية، لحل أزمة نظام الإنذار المبكر؟

ج: للأسف، بعد سفر اللواء طيار عبد الرب كراوية، بسبب رئاسته بعثة الحج، قرر العميد خضير السبع، نائب ثاني رئيس الهيئة الهندسية ونائب المشرف العام، حل المشكلة فوراً بسواعد رجال الهيئة، ومد كابل خارجي لنظام الإنذار المبكر، يتصل بقيادة المنطقة الشمالية مباشرة، حيث يوجد بها برج كهرباء خاص لأغراض سيادية، وأثناء أعمال الحفر والتركيب في داخل المفاعل لمد الكابل، وبسبب خطأ في طباعة الخرائط المصاحبة للحفر، تم الحفر في مكان خاطئ، وتم إحداث أضرار بإحدى أنابيب حاوية قلب المفاعل، والتي اتضح أنها لم تكن مطابقة للمواصفات، حيث كان يفترض أن تصنع من 25 سنتميتر من الحديد الصلب، لكن الجانب الروسي قام بتسليمها لنا، بجدران من 12 سنتيمتر فقط.

س: وكيف لم يتم اكتشاف مثل هذا العيب الخطير من قبل؟

 ج: بصراحة يا باشا، المفاعل أصلاً تم تسليمه قبل معاده بسنة، ومع فرحة التسليم المبكر ما حدش ركّز في التفتيش، لإن الريس كان لازم يفتتح المفاعل، في يوم تلاتين ستة، فيعني ما خدش المدة بتاعة التفتيش والتجريب اللي هي من ست شهور لسنة، غير إن المفاعل، أصلاً، ما خضعش لإجراءات تفتيش من هيئات دولية مختصة وقت استلامه، عشان ما يبقاش في فرصة لدخول جواسيس طمعانين في المشروع النووي المصري، وزي ما سمعنا من المسؤولين في المفاعل، تم تشغيل المفاعل بدون فترة تجريب، اعتماداً على كلمة شرف أعطاها سيادة الرئيس بوتين لسيادة الرئيس عبفتاح، والحقيقة لما حصل الإكتشاف ده بعد كده، كانت مشكلة كبيرة جدا، وسيادة اللواء طيار عبد الرب كراوية، رجع من الحج بدري، رمى الجمرات ورجع على طول،  وكان متضايق إنه ما قعدش في المدينة أسبوع، زي ما اتعود كل سنة. وبعد معاينة الموقف، قرر سيادته يحل المشكلة بعمل لحام الأنبوبة اللي حصل فيها ضرر أثناء الحفر، ومع إن اللحام تم بشكل سليم فنياً، إلا إن ده مش مناسب في حالة المفاعلات النووية. وهنا، لم يسمح ضميري لي بالسكوت، واتفقت، أنا وزملائي، على عمل التقرير اللي كلمت سيادتك عنه، وقلنا إن في احتمالية كبيرة، بنسبة سبعين في المية، إن ممكن تتسرب إشعاعات ناتجة من الإنشطار النووي إلى خارج المفاعل، وأصرّينا على تسليم القرار لسيادة الفريق أول عبحق، وللأسف، ما اتسمحلناش بكده، ومن ساعتها تم تجميد عملي أنا والسادة الزملاء، وتم وضعنا تحت الإقامة الجبرية في بيوتنا، لغاية ما حصل اللي حصل.

س: لكن، في ملف خدمتكم لا يوجد إطلاقا أي قرارات بوضعكم تحت الإقامة الجبرية أو تجميد عملكم؟

ج: لإنه للأسف كان بيعدي علينا كل يوم دورية تمضينا حضور وانصراف، وإحنا في قلب بيوتنا، وتم تهديدنا بأفظع العقوبات، لو قمنا بالاتصال بالإعلام، والحقيقة إن زميلنا المهندس ربيع كروان، الله يرحمه، بادر واتصل بقريبه اللي بيشتغل في إعداد برنامج تلفزيوني مشهور، وحكى له اللي حصل. وللأسف، قريبه بلغ الأمن الوطني عنه، واتحبس مدة شهر، وخرج من الحبس على البيت، ولما زرناه كانت حالته مش تمام خالص. وللأسف، بعدها بأسبوع، مات بعد ما أكل بسبوسة بالبندق، لإنه باين نسي إن عنده حساسية قاتلة من المكسرات، وأنا من ساعتها بطلت آكل أي حاجة بره البيت سيادتك، لإن الواحد ما يعرفش ممكن يبقى عنده حساسية من حاجة هو ما يعرفهاش.

س: وما قولك فيما جاء في أقوال اللواء سامي القلا؟

ج: مين يا فندم، أصل أنا للأسف ما اتشرفتش بمعرفة سيادته.

س: ده اللي مسك الإشراف على سلامة المفاعل، بعد ندب اللواء طيار عبد الرب كراوية لرئاسة استاد القاهرة الدولي، وسيادته قال في أقواله، إنه لا يمكن يكون اللي حصل ده طبيعي، لإن المفاعل مصمم بإنه يتعامل بنفسه مع أي بوادر تلوث، لإنه بيشتغل بشكل أتوماتيكي لحل أي أزمة قبل حدوثها؟ وإنه بيعتقد إن ضروري يكون حصل تخريب متعمد، مش مجرد إهمال؟

ج: هل أقدر أعرف إيه تخصص سيادة اللواء سامي القلا؟

س: سيادة اللواء كان نائب رئيس الهيئة العربية للتصنيع؟ وبعدين ده إيه علاقته باللي قاله في أقواله؟

ج: أنا ما أقصدش أي حاجة سيادتك، اللي أقصد أقوله إني برغم إني دارس طاقة نووية. لكن، ما بافهمش في كل حاجة في تصميم وتنفيذ المفاعل، لإن الموضوع ده بيتطلب تخصصات دقيقة جداً. ومع ذلك، لما حصلت مشكلة أفهم فيها بلغت عنها، وأنا أتفق مع سيادة اللواء سامي القلا، إنه كان واضح جداً إن في مشكلة في المفاعل، إلى درجة إني شكيت في وجود مؤامرة قذرة، وأنا من هنا وبشكل رسمي با طالب نسور المخابرات العامة وصقور المخابرات الحربية، إنهم يفتحوا تحقيق عاجل في القضية، عشان يتأكدوا هل الموساد والسي آي إيه اخترقوا هيئة الطاقة الذرية الروسية، وزرعوا جواها ناس، ممكن يكونوا من اليهود الروس أو الأمريكان اللي بيتكلموا روسي، عشان يسلموا مصر مفاعل ملعوب فيه، ومين عارف ممكن يبقى في اختراق، ويكون اللواء جلال الجزافي نفسه عميل، لإنك لو بصيت لوشه سيادتك هتلاقي زبيبة الصلاة مقاسها أكبر من اللازم، وممكن يبقى سلفي، وأنا سمعت إن السلفيين شغالين مع الإخوان في السر.

(توجهنا إلى الشاهد بأن يلتزم الحذر خلال توجيه الاتهامات، لكي لا يتحمل مسؤوليتها في المستقبل، وقد أصر على توجيه الإتهامات، وقال إنه مستعد للمواجهة مع الأسماء المذكورة في التحقيق، وبناءً عليه، تم استئناف التحقيق)

س: هل أنت مصر على الأقوال التي ذكرتها سلفا؟

ج: كل الإصرار يا باشا، وأنا على قد مقدرتي، مش هاسمح لأعداء الوطن، حتى لو كانوا متنكرين في صورة لواءات أو خبراء روس مزيفين أو حقيقيين، إنهم ينالوا من مصر، ولا إنهم يلبسوني، أنا وزملائي، التهمة، وأطلب من سيادتكم السماح لي بالتوجه إلى بنك الإسكندرية فرع سيدي براني، حيث أحتفظ بالتقرير في خزنتي الشخصية هناك، ومستعد لتحمل مخاطرة الإشعاع، لكي أحضر التقرير واللي هيثبت صحة أقوالي.

س: هل لديك أقوال أخرى؟

ج: والله العظيم، يا باشا، أنا قلت الحق، وربنا عالم باللي فيا، وأنا عشت الشهر اللي فات أيام صعبة، واتهنت واتضربت واتهددت بمراتي وبناتي، بس أنا مقدر إن كل ده حصل عشان البلد في أزمة، ومسامح والله، وأنا باحب سيادة الريس، وانتخبته في التلات مرات، ومستعد أفديه بروحي، بس بلاش مراتي وبناتي يتبهدلوا، عشان أنا والله راجل محترم، ومراتي غلبانة وبتحب سيادة الريس، وأنا وحياة بناتي باحب البلد دي، وأنا لو ما كنتش باحبها، كنت كبّرت دماغي، وساعدتهم على المؤامرة اللي بيعملوها ضد سيادة الريس.

(هذا وقد توجهنا إلى الشاهد بضرورة ضبط أقواله، وأعطيناه فرصة مراجعتها، لكنه أصر عليها وأقر بتحمل المسؤولية الكاملة عنها. وبناءً عليه، قررنا، نحن المستشار شامخ نزيه الزند، رئيس نيابات مرسى مطروح، ترحيل الشاهد إلى النيابة العسكرية، لبحث اتهاماته للسادة المذكورين من قادة القوات المسلحة، ونوصي بإحالة القضية بأكملها إلى القضاء العسكري، حرصاً على الأمن القومي المصري من الاتهامات الجزافية التي يطلقها أناس ضعاف النفوس، تجرّدوا من الضمير والمسؤولية، وقرّروا أن يفتدوا أنفسهم، لكي يضحوا بأشرف من أنجبت البلد، حفظ الله مصر، وأقفل المحضر في ساعته وتاريخه).

   belalfadl@hotmail.com

 

 

605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.