بيان للخط الأخضر والمفكرة القانونية: بلى، القرار القضائي يلزم بوقف أعمال الإيدن روك فوراً


2017-02-27    |   

بيان للخط الأخضر والمفكرة القانونية: بلى، القرار القضائي يلزم بوقف أعمال الإيدن روك فوراً

معركة الرملة البيضاء تقترن بمعركة استقلال القضاء

ردّا على الحجج التضليلية التي ساقتها جهات مقرّبة من مشروع ” إيدن باي ريزورت” الذي ما زال ينفذ تحت إسم الشركة العقارية السياحية “إيدن روك” والمهندس محمد وسام عاشور، ومحافظة بيروت للتنصّل من القرار القضائي الصادر عن مجلس شورى الدولة بتاريخ 8/2/2017 بوقف تنفيذ الرخصة الأساسية الصادرة في 6/9/2016،

واحتراما للرأي العام وحقه بالمعرفة،

يهم جمعية الخطّ الأخضر والمفكرة القانونية توضيح الأمور الآتية:

استعادة سريعة للمجريات:

بتاريخ 8/2/2017، أصدر مجلس شورى الدولة القرار الاعدادي رقم 48 /2016-2017  والذي قضى بموجبه بوقف تنفيذ رخصة البناء على العقار 3689/ المصيطبة الصادرة في 6/9/2016 لصالح المالكة آنذاك “الشركة العقارية والسياحية إيدن روك ش.م.ل.” ويذكر أن الرخصة ترمي إلى إقامة مشروع سياحي على الشاطئ والمتنفس الوحيد لبيروت، الرملة البيضاء،

كان من المتوقع والمنتظر أن يوقف القرار الأعمال فورا”. لكن محافظ بيروت الأستاذ  زياد شبيب سارع إلى الإعلان أن الفقرة الحكمية من القرار تنطبق على الرخصة الصادرة في 6/9/2016، فيما أنه أصدر منذ ذلك الحين وقبل أيام من صدور القرار، رخصة جديدة بتاريخ 19/1/2017. وقد برر بالنتيجة إستمرار الأعمال في المشروع بواقعة مفادها أن هذه الأعمال تستمر بموجب الرخصة “الجديدة” التي لم يشملها قرار مجلس شورى الدولة. وقد ذهب المحافظ شبيب إلى حدّ التصريح بأن الرخصة الأساسية ملغاة،

ويهمّنا أن نوضح أنّ هذه الحجج هي بمثابة تضليل للرأي العام بهدف التملص من تنفيذ القرار القضائي أو كسب مزيد من الوقت لإنجاز مزيد من الأعمال. واللافت أن المحافظة ساقت هذه الحجج وتبعها عدد من الإعلاميين من دون أن تكشف لأي من الناس عن خرائط الرخصة الأساسية والرخصة التعديلية (أي ما سماه المحافظ الرخصة “الجديدة”) التي تحتفظ بها كسرّ من أسرار الدولة. وأخطر ما في هذه الحجج هو أنها تشكل عرقلة صادرة عن مسؤول إداري لتنفيذ حكم قضائي مع ما يستتبع ذلك من نتائج قانونية. فمن الثابت أن الرخصة التي يتم تداولها في الإعلام (أي الرخصة “الجديدة”) هي رخصة تعديلية وبالتالي هي ملحقة بالرخصة الأساسية التي تقرر وقف تنفيذها، على اعتبار أنها جزء مكمل لها. وهذا الأمر يتحصل من مجموعة من الأمور الآتية:

أولا، في كون قرار وقف تنفيذ الرخصة الأساسية الصادر بتاريخ 8/2/2017 موقفا حكما لتنفيذ الرخصة المعدلة. وهذا ما يتحصل من أي قراءة أمينة وحسنة النية للقرار القضائي:

المراجعة التي تقدمت بها جمعية الخط الأخضر لإبطال الرخصة الأساسية لم تستند على خرائط الرخصة ولا على أي معلومة مستمدة من الرخصة بحد ذاتها (طالما أنه لم يتسنّ حتى الآن الإطلاع على هذه الخرائط)، إنما تمثلت جميع الحجج المساقة بمبدئية إقامة أي إنشاء على العقار المذكور. ومن هذه الأسباب، عدم قانونية إزالة إشارة عدم البناء عن العقار المذكور، وعدم جواز ضم العقارات على نحو يتعارض مع القواعد القانونية الواجب تطبيقها وإساءة تحديد التراجعات والتعدي على الحق بالتمتع بالبيئة والولوج إلى البحر ومخالفة مرسوم ترتيب الأراضي عدم وجود دراسة للأثر البيئي. وهذه الأسباب كلها تنطبق على أي رخصة قد تصدرها البلدية في العقار المذكور بمعزل عن مضمونها أو خرائطها.

وتاليا، فإن الأسباب التي دفعت مجلس شورى الدولة إلى اتخاذ قرار بوقف تنفيذ الرخصة الأساسية بالنظر إلى جدية الأسباب المدلى بها، تنطبق كلها على الرخصة التعديلية أيا كان مضمونها.

وأي قول معاكس إنما يشكل تفسيرا غير أمين للقرار القضائي ومحاولة غير مبررة للتنصل منه.

ثانيا: في كون قرار وقف تنفيذ الرخصة الأساسية الصادر بتاريخ 8/2/2017 موقفا لتنفيذ الرخصة المعدلة، وذلك لاتخاذ مجلس شورى الدولة قراره رغم إعلامه بوجود هذه الأخيرة من قبل مالك العقار:

من الثابت أن المجلس أخذ علما بوجود رخصة تعديلية بموجب اللائحة المقدمة إليه من قبل مالك العقار بتاريخ 8/2/2017 والمذكورة في قرار وقف التنفيذ المؤرخ في 8/2/2017، ولم يمنعه ذلك من اتخاذ قراره بوقف تنفيذ الأعمال في العقار على اعتبار أن أسباب وقف التنفيذ تتصل بإمكانية إجراء أعمال في العقار وليس في محتوى الخرائط،

وهذا الأمر يؤكد اعتبار وقف تنفيذ الرخصة المعدلة مشمولا بوقف تنفيذ الرخصة الأساسية.

ثالثا: أن الرخصة المعدلة هي ملحقة بالرخصة الأساسية التي تقرر وقف تنفيذها وجزء مكمل لها، بحيث يؤدي وقف تنفيذ الرخصة الأساسية حكما إلى وقف تنفيذها:

وهذا الترابط الحكمي يتحصل من مجموعة من العوامل، هي:

  • المادة 5 من قانون البناء وهي تنص على الآتي:

“تقتصر الرخصة مبدئياً على الأمور الواردة فيها، وكل تعديل يراد إدخاله على البناء المرخص به وغير المنفذ، من شأنه أن يغير المسقط الخارجي للبناء أو تقطيعه الداخلي أو ارتفاعه بشكل يؤثر في مدى وقوع النظر أو في الغلافات أو يزيد في المساحات المرخص بها، يجب أن يُعلن عنه بتقديم خرائط   تعديلية مسجلة في إحدى نقابتي المهندسين. وفي هذه الحالة يُفرض الرسم على ما يزيد عن المساحات لأساسية المرخص بها على أساس الرسم الإفرادي نتيجة التخمين وفقاً للسعر الرائج بتاريخ منح رخصة البناء الأساسية، وتُعطى رخصة تعديل ملحقة ينتهي مفعولها بإنتهاء مفعول الرخصة الأساسية”.

ويتحصل من ذلك أن الرخصة المطعون بها مجرد رخصة ملحقة للرخصة الأساسية، مما يفرض إعتبارها ضمنا مشمولة معه بقرار وقف التنفيذ. وهي تكملها من دون أن تلغيها. فلا شيء اسمه في القانون رخصة قديمة ورخصة جديدة، بل هنالك رخصة أساسية ورخصة ملحقة. ونحن نتحدى المحافظ إبراز أي نص قانوني بخلاف ذلك أو بخلاف المادة الخامسة أعلاه.

ولا يرد على ذلك بأن الرخصة الملحقة قد صححت الرخصة الأساسية. فهذا الأمر، على فرض صحته، فإنه كان يجدر بالمحافظ تقديم طلب لمجلس شورى الدولة بالرجوع عن قرار وقف التنفيذ بعد إطلاعه على الرخصة المعدلة وتمكينه من التدقيق في مستندات الرخصتين الأساسية والتعديلية، والأهم توضيح كيف أن الرخصة التعديلية أدت إلى تجاوز المخالفات الواردة في الرخصة الأساسية.

فمجلس شورى الدولة هو وحده الصالح لاتخاذ قرار بالرجوع عن قرار وقف التنفيذ في حال استجدت وقائع جديدة على الرخصة، وفقط في حال قدر أنها تبرر ذلك.

أما أن يبادر محافظ بيروت بقرار إنفرادي ومن تلقاء نفسه ومن دون أي مراجعة للقضاء إلى إعلان ذلك، فذلك يعد بمثابة عدالة خاصة إنتقائية واستنسابية وتعدٍّ على مبدأ فصل السلطات واختصاص القضاء واستقلاله. فما معنى استقلالية القضاء إذا كان بمقدور أي إدارة عامة أو شركة خاصة أن تخالف أحكامه من دون أي اعتبار لها؟ والقول بخلاف ذلك يتيح إذ ذاك للبلدية بالتنصل من قرارات وقف تنفيذ الرخص كلما رغبت ذلك، من خلال إبتداع، وفي الأوقات التي تستنسبها، “رخص تعديلية” تنعتها بالجديدة، بمعزل عن مضمونها. وفي ذلك قمة العبث طبعاً. 

  • أن طلب الرخصة المقدم من مالك العقار إلى نقابة المهندسين في بيروت في تشرين الثاني 2016 بهدف الحصول على الرخصة التعديلية، تم عنونته على أنه طلب تعديل وإضافة، مما يؤكد هنا أيضا أننا في صدد رخصة تعديلية وليس رخصة جديدة،”
  • أن تاريخ انتهاء العمل بالرخصة الملحقة وفق الصورة التي تم تسريبها لمواقع التواصل الإجتماعي هو ست سنوات من تاريخ 6/9/2016 أي تاريخ الرخصة الأساسية حسبما ورد في المادة 5 وفي أسفل النسخة المسربة عن الرخصة المطعون فيها، مما يؤكد الترابط بينهما. هذا فضلا عن أن الرخصة تشمل إنشاءات تم تنفيذها. ومن هذه الزاوية، هي حكما رخصة ملحقة تعديلية وليس رخصة جديدة، لعدم جواز منح أي رخصة مع مفعول رجعي.
  • أن المساحات المضافة بموجب الرخصة الملحقة والتي سدد الرسم عنها يعادل الفارق بين مجموع المساحات المشمولة بالطلب المقدم إلى نقابة المهندسين في بيروت (20814 مترا مربعا) والمساحات المشمولة بالرخصة الأساسية الصادرة في 6/9/2016 (15477 مترا مربعا)، وهي تبلغ (5337 مترا مربعا). وبمراجعة النسخة المسربة عن الرخصة الملحقة وأوراق الرخصة الأساسية المعلقة على الورشة، يظهر أن مالك العقار سدد عن مجموع المساحات المرخصة مبلغين:
    •  الأول في حزيران 2016 قدره (1525954000 ليرة لبنانية) وذلك عن المساحة البالغة (15477 مترا مربعا) المرخصة بموجب الرخصة الأساسية،
    • والثاني قدره (622457000 ليرة لبنانية) وذلك بموجب الرخصة الملحقة المطعون بها عن المساحات الإضافية البالغة (5337 مترا مربعا) وفق أحكام المادة الخامسة من قانون البناء.

وتالياً، وتبعاً لوقف تنفيذ الرخصة الأساسية، يتحتّم وقف تنفيذ الأعمال في العقار برمته، لعدم إمكانية الفصل بين المساحات المرخصة بالرخصة الأساسية والمساحات المرخصة بموجب الرخصة الملحقة. أما أن يقال أن الرخصة التعديلية ألغت الرخصة الأساسية فذلك يؤدي إلى إلغاء الترخيص الحاصل لأكثر من (15477 مترا مربعا).  

  • أن الرخصة الأساسية الصادرة في 6/9/2016 تضمنت شرطا مفاده وجوب تقديم خرائط تعديلية، مما يجعل الرخصة الملحقة جزءا مكملا ولا يتجزأ من الرخصة الأساسية.

ونورد هنا حرفيا ما جاء فيها في هذا الخصوص: “تعهد المالك بعدم البناء أعلى من متر واحد في الجزء الجنوبي من العقارين 3691 و 3692 قبل الضم والتقدم بملف تعديلي للبناء وذلك للأجزاء الواقعة فوق سطح الأرض بشكل أن تبقى هذه الأجزاء محصورة بالعقارين 3689 و 3690 قبل الضم”

هذه هي الأسباب التي تدحض تماما أي ادّعاء بأن القرار القضائي بوقف تنفيذ الرخصة الأساسية على العقار 3689 المصيطبة لا يشمل الرخصة المعدلة الصادرة في 19/1/2017. ونحن نضعها في تصرف الرأي العام والسلطات العامة كافة، ابتداء من رأس الهرم رئيس الجمهورية،  والنيابات العامة. كما نضعها بتصرف الوسائل الإعلامية طالبين منها توخي الدقة والموضوعية والتنبه إزاء أي تضليل قد يقدم عليه أي من أصحاب النفوذ. ويجد الخط الأخضر والمفكرة القانونية من مسؤولياتهما الرد على أي استفسار بهذا الشأن من باب التصدي لمحاولات التعمية والتضليل. كما يهمنا إعلام أن جمعية الخط  الأخضر وجهت كتابا لمحافظ بيروت تحثه فيه على تنفيذ القرار للأسباب المبينة في هذا البيان وكتابا آخر تطالبه فيه بتسليمها صور عن الرخص وخرائطها.

معركة الرملة البيضاء لم تعد اليوم فقط معركة تحرير الملك العام والحفاظ على الحق بالبيئة، إنما اقترنت تبعا لرفض تنفيذ القرار القضائي بمعركة لا تقل أهمية، هي معركة تكريس الشرعية القضائية، معركة استقلال القضاء.

انشر المقال

متوفر من خلال:

بيئة ومدينة ، أملاك عامة ، استقلال القضاء ، لبنان ، مقالات ، بيئة وتنظيم مدني وسكن ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني